أصداء مصرية
أميرة الطحاوي
( نشر في القدس العربي، 23 نوفمبر 2006)
رغم مرور نحو شهرين علي نشر محتوي تقـــرير الخبــــير الاستراتيجي د. صلاح البندر ـ سوداني بريطاني الجنسية الذي يقول بوجود (مخطط يرعاه مسؤولون بحرينيون ذوو نفوذ للتأثير علي مجريات العملية السياسية لتهميش تمثيل المواطنين من أصحاب المذهب الشيعي بالبحرين)فإن الحكومة المصرية لم تحرك ساكنا في ورود أسماء ثمانية مصريين إدعي التقرير أنها كانت تقوم ولعامين سابقين بالعمل الإعلامي في المخطط الذي كشفه التقرير، ودلل الباحث علي معلوماته بوثائق منها إيصالات مكافآت وتحويلات مالية ونحوه، ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي بالبحرين فقد تقدم بعض القانونيين والناشطين السياسيين بطلب للأمم المتحدة ساعين لفتح تحقيق دولي في فحوي هذا التقرير، في حين لم تقم أي جهة حكومية مصرية بتحقيق يذكر.
يهمنا حقا في دلالات هذا الأمر أن تاريخ مشاركة مواطني بلدان بعينها بالمنطقة العربية في مخططات من هذا النوع في دول أخري ليس بالقليل لكن مصرياً لم يكن ذلك السلوك منتشراً بنفس الدرجة، يكثر الحديث عن الهجرة المصرية المؤقتة للعمل بالخليج في نهاية السبعينات، وجري علميا البحث في التغيرات التي طرأت علي هؤلاء خاصة من ناحية قناعاتهم الفكرية والدينية وحتي تأثير السفر علي نواح مجتمعية لأسرهم ومحيطهم، لكن من الهام أيضا وفي ضؤ هذا الحادثة أن نبحث في معني أن يتورط مصريون في عملية خطيرة كتلك (علي عكس ما عرف عن غالب المصريين بالخارج من ميلهم عامةً لإيثار السلامة في الغربة) وأن يشتركوا في مخططات لها طابع طائفي، وأن يكون الواردة أسماؤهم جامعيون (بمعني أنه يصعب القول أنه: اتضحك عليهم) ويشغلون مناصب جيدة (مما يقلل من احتمالات التذرع بالحاجة الشديدة للمال، وارد أن يكون هناك إغراءات لكن ليس مجرد استغلال لشدة العوز).
الأسماء الثمانية للمصريين بالتقرير منهم باحث بمجلس الشوري المصري (أحد مجلسي البرلمان) وآخر مدير مكتب مؤسسة صحفية قومية (هي الأكبر مصرياً) بالعاصمة البحرينية المنامة، والبعض الآخر يعمل بوظائف ذات صلة بالنشر والإعلام هناك (وبصحيفة بحرينية ووزارة الإعلام والجهاز المركزي للمعلومات وفي مركز للرأي العام).
ما يدهش أكتر أن هناك مثلا أكثر من 100 بحريني اعترضوا علي منع النشر ببلادهم في قضية تقرير البندر، وفي مصر لا يوجد قرار مماثل بحظر النشر في هذه القضية؛ ومع ذلك لم يقم أحد بإثارة مسألة المصريين الواردة أسماؤهم بالتقرير، علي الأقل يكان يُفترض أن المؤسسات المصرية التي ينتسب لها هؤلاء تزيل اللبس حول استمرار علاقتهم الوظيفية بها أثناء عملهم بالخارج بالأخص في العامين المشار لهما في التقرير أنهما شهدا ما أطلق عليه مؤامرة طائفية، أو تقوم بتحقيق مع منتسبيها ولو من باب حفظ ماء الوجه، مجلس الشوري عليه مثلاً أن يستشعر الحرج لوجود باحث ينتسب له ورد اسمه بالتقرير كمشارك في عمل سياسي به تدخل مباشر في شئون دولة أخري، علي أقل التقديرات يجب سؤالهم عن المبالغ التي رصدت باسمهم أووضعت في حساباتهم حسب التقرير، ربماالضرائب من حقها أيضا ذلك، وربما الجهازالمسمي بالمدعي الاشتراكي لأن مصدر هذه الأموال المعلن حسب الوصولات التي نشرها التقرير هو وزير دولة لشئون مجـــلس الوزراء بدولة أجنبية.
الأمر بالضرورة له بعد قانوني، لكن يهمني تماما أن تسود روح الشفافية، وهذا النص ليس هدفه الاستعداء ضد أحد(أكيد الأجهزة إياها إما عندها فكرة من البداية وإما أصبح عندها فكرة بعد نشر التقرير) فقط نتوقع أن يكون أبسط تصرف من الأجهزة المسئولة -الشرعية ألا تدع المجال للأجهزة الأمنية للتعامل المنفرد والسري في القضية، أن يناقش الأمر علناً لابراء الذمة أو المحاسبة، بدون موقف مسبق ضد أحد، هكذا تقتضي تقاليد دولة القانون والمؤسسات، قبل عامين وعندما نشرت جريدة المدي أسماء مصريين في قوائم النفط مقابل الولاء/ الغذاء زمن صدام حسين لم يحقق أحد، لكن علي الأقل تناولت الصحافة وقتهاالأمر: بعض الأسماء أنكرت أودافعت والبعض برر والبعض الآخر
آثر الصمت، هذه المرة الصمت وحده هو السائد مصرياً فيما يتعلق بتقرير البندر، فلماذا ياتري؟.
ہ كاتبة مصرية