April 12, 2008

أما علي جاسم وعباس الشاخوري فلا بواكي لهما

في 14 فبراير الماضي، أعلن رسميا عن "مولد البحرين الجديدة".

ماجد أصغر علي بخش، 26 سنة، من القوة الخاصة، هو أول شهدائها.


ماجد (أم مجيد؟) أصغر علي بخش لم يذهب إلى قدره الأليم مختارا.

هو إبن لعائلة فقيرة، من منطقة فقيرة، جاء إلى هذه الجزيرة رضيعا، ونشأ فيها شابا يتطلع إلى لقمة عيش مستقرة له ولأسرته. على خطى من هم أكبر سنا في عائلته ومنطقته، كان في الخدمة العسكرية والبزة العسكرية وحمل السلاح ما يشكل إشباعا كافيا، معنويا وماديا، مادام ذلك في خدمة قبيلة مستحقة ذات مجد وشرف وعطاء. سمع ممن هم أكبر سنا منه أن هذه التي هنا قبيلة ذات مجد وبخش وعطاء، فكان شرفا أن يتم اختياره للقوة الخاصة بوزارة الداخلية.



ماجد أصغر علي بخش، النازح صغيرا من منطقة صعبة، قضى –على الأرجح- في مواجهة مع شبان في مثل عمره، خرجوا ليمنعوا تحول هذه البلاد إلى منطقة أشبه بتلك التي نزح هو وجدّه منها. خرجوا ليقاوموا، وإن بوسيلة فادحة، مشاريع تحويلهم يوما إلى نازحين جدد كماجد.



أولئك الفتية ولدوا في مثل السنة التي ولد ماجد فيها، وذهبوا إلى مثل المدرسة الثانوية التي ذهب إليها. ولكنهم لم يسمح لهم يوما، حتى في أحلام يقظتهم، بأن يجدوا في الخدمة العسكرية والبزة العسكرية وحمل السلاح، إشباعا كافيا، ماديا أو معنويا. كان لماجد الذي ولد في بلوشستان شرف إرتداء زي القوة الخاصة. ولم يكن لأي من الذين ولدوا في كرزكان إلا إرتداء الصدر العاري والمولوتوف. ولم يكن زيهم هذا مختارا.


قيل أن المولوتوف ليس لعبة صبيانية. هو سلاح فتاك بنتائج قاتلة. يجب أن يجرّم. ويجب أن يوضع حد رادع "للعابثين وزعمائهم".

خطط التوطين والتمييز والإقصاء هي الأخرى ليست لعبة صبيانية. هي أيضا سلاح فتاك بنتائج كارثية. يجب أن تجرّم. ويجب أن يوضع حد رادع للعابثين القائمين بهاوزعمائهم.

المولوتوف لا يحتاج إلا إلى مادة قابلة للإشتعال بضراوة، في وعاء محتقن بإحكام، وخرقة مشعلة. لتبدأ كرة النار.

هذه نفسها الوصفة المرسومة لخرقة "الوطن". التي تقذف كل صباح. في وطن محتقن بإحكام. فالفتنة الطائفية التي هي أشد من القتل مادة قابلة للإشتعال بضراوة. لا مثيل لها.

أما أخبار الخليج، فقد ناشدت "في خطاب إستثنائي ووقت حرج" وبقلم رشيق يعكس السلاسة المتناهية لخبرة مصرية مخضرمة، ملك البلاد: " بإسم رجالك البواسل في القوات المسلحة التي تدين لك بالولاء التام المطلق وبإسم ضباط وأفراد وزارة الداخلية" بألا يستمع إلى "أصوات نشاز وتحركات مشبوهة في الداخل والخارج لطلب الإفراج والعفو والصفح".


لا أحد يمكنه أن يقبل بسفك أي دم حرام أو إزهاق أي روح بشرية تحت أي عنوان. ولكن كيف يمكنك أن تدعو فتية مسحوقين بالفقر والقهر للتعقل وتجنب الإضرار بالنضال السلمي لإستعادة الحقوق، في مواجهة سياسات لبعض أطراف السلطة هي الأقصى في تطرفها وعدم تعقلها؟



هو وطن جديد حقا أن تهرع القيادة السياسية والأمنية منذ اللحظة الأولى صارمة ومحذرة إلى التعزية وإبداء التضامن والتعاطف في مقتل ماجد أصغر علي بخش. وأن تتدفق التغطية الصحفية الواسعة والمصورة له ولأفراد عائلته ومجلس العزاء به، أما الشهيد علي جاسم -أحد يعرف عمره؟ أو أن زوجته المفجوعة وضعت إبنا بعد إستشهاده؟ - فلا بواكي له. المغدور عباس الشاخوري لم يسمه يومها أحد بشهيد الواجب، ولم تخصص صحيفة صدر عنوانها الأول للدعوة إلى تعقب قتلته.


ساعد الله قلب عائلة ماجد أصغر علي بخش في مصابهم الأليم. وساعد الله قلوب تلك العوائل في كرزكان وغيرها التي تمت مداهمة بيوتها وإعتقال فلذات أكبادها.

وساعد الله هذه الجزيرة التي لم تعد جزيرة. فالقبائل قد أسرجت وألجمت وتهيأت وتنقبت لقتال القرى التي لم تخضع أوتبايع.

April 01, 2008

إنتهاء عصر النخيل

كان باسقا،كنخلة من أوال.

وسامقا، كنشيد جمهوري.


كان شاهدا على عصر.

وكان محظوظا. فقد عاش في زمن النخيل والنشيد.

ولكن حسن جواد الجشي ذهب صامتا. كنخلة، نخسرها مرتين.



عاش في المنفى 14 عاما، في أعقاب حل الهيئة، حتى عودته في 1971.

ولكنه عندما عاد، عاد إلى وطن لم يزل حينها وطنا. لم تزل به بقية من نخيل.

وإلى عاصمة لم تزل آهلة بأهلها، ومأهولة بالنشيد.


بلغ النشيد أوجه في 7 ديسمبر 1973.

ليس في ذاكرة المنامة ليلة أبهى. لم تكن المنامة أقرب منها إلى أجواء ثورة منتصرة كما كانت ليلتها، حين أعلن عن فوز حسن جواد الجشي (بنيف و900 صوت) وعبدالهادي خلف (بأقل من ذلك بقليل) بمقعدي الدائرة الثانية في انتخابات المجلس الوطني. كانت ليلة نصر، للنخيل والنشيد.



وكان النخيل والنشيد حاضرين في كلمته التي ألقاها عند إختياره كأول رئيس لأول مجلس وطني منتخب في تاريخ أوال:

"ان الذي يتحقق على أرض البحرين اليوم هو حلم الأجيال منذ أكثر من نصف قرن، وقد كان هذا الكفاح حرية وعدلا ومساواة، ولاشك ان ترجمة ذلك إلى واقع تحياه الجماهير هو الرسالة التي ائتمننا الشعب على أدائها بصدق وإخلاص".

"ليكن أيها الإخوة شعارنا دائماً ونحن نتهيأ للانطلاق من أقبية الماضي إلى رحاب المستقبل في عملية جادة للحاق بركب التطور والدخول في عصر انتصار الإنسان، ليكن شعارنا ''إن أجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد''.



كلماته أعلاه شاهد مرير على ما إنحدرنا إليه من درك. وهي شاهد أيضا على أن ذاكرة البعض ممن كان في المقاعد الأمامية يومها، حتى في إقتباس من ناظم حكمت، طويلة جدا.

رحم الله حسن جواد الجشي. رحل قبل أجمل أيامهم. كم كان محظوظا.


تحديث:

إعلانات الشكر على التعازي محزنة دائما، ولكن إعلان اليوم الذي نشر في الوسط والوقت كان مؤسفا أيضا. فعائلة الراحل الكبير أشارت إليه ب"حسن بن جواد الجشي"، بأثر رجعي (وطبقي) ربما. لا أدري لماذا نعطي خصوم المساواة التي ناضل من أجلها الفقيد سببا آخر للإحتفال.