January 26, 2009

Arrest Warrant

On behalf of the Overlords,

To all Forces of Order,

It appears that:

1. Hassan Ali Mushaima
2. Abdul Jalil Abdulla Al-Singace
3. Mohammed Habib al-Meqdad

Have committed the crime of: ___ Walking, talking and acting like free men ___ , in violation of the laws of this Kingdom.

You are therefore commanded to arrest forthwith the above named and bring them before one of our courts/underlings.

This warrant may be executed at any time of night.

September 16, 2008

عندما يذهب الغرباء إلى النوم

هذا البلد حزبان، حزب طويلي العمر، وحزب قصيري العمر
والحكم فيه رهان.
رهان طويلي العمر على قصر عمر قصار العمر. قهرا أو سهوا.
ولا يزال الرهان ناجحا.
يزداد طويلو العمر في العمر طولا، ويغادر قصار العمر قبل أوانهم مبكرين.
ربما لعدل سماوي. فطول العمر في كفة هنا، والنبل في كفة هناك.

. . . . . . . . . .

يهل رمضان هذا العام حزينا على مائدة أكثر من عائلة في هذا البلد الحزين. لوعة الغياب تدلف إلى بيت قديم في زقاق ضيق في النعيم، و تخيم على بيت متوسط الحال في أطراف بني جمرة. جمع بينهما مصاب الرحيل المبكر لعزيز، ومراسم عزاء تزامنت في التوقيت، وإن إختلفت المسافة.

المسافة تضاءلت يومها بين الجمعية الجعفرية في سيدني حيث مجلس عزاء محمد رضا عبد الله نجم (صادق) (47 عاما)، ومأتم الشباب في النعيم حيث مجلس عزاء جمال حبيب عمران (ناصر) (48 عاما). إثنان من الرائعين قصيري العمر طويلي النبل، جمعت بينهما سيرة حلم ودرب ومنفى، وإن إختلفت القافلة.

محمد رضا، سنته الجامعية الأولى قاطنا في شقة بشارع ينبع، متفرع من شارع الأنصار، متفرع من شارع مصدق، بالقاهرة، كانت نفسها السنة التي تغير فيها إسم أهم شارع في عاصمة أخرى من شارع ولي العهد إلى شارع مصدق إلى شارع ولي العصر. فكان أن نبع الحلم بشقة ينبع. الحلم بالثورة الإسلامية ودولة المستضعفين. رفرف الحلم على محمد رضا منذئذ، فضحى من أجله بالكثير، بما في ذلك عندما تطلب الأمر والنداء، بدراسته الجامعية.

من عرف محمد رضا أحب روحا شفافة، رشيقة، في هذا الفتى الرشيق. كان رهيفا كنسمة صيف، وظل كذلك حتى في أصعب السنين.

جمال، إختط سنوات دراسته الأولى في موسكو في بداية الثمانينات، عندما كان الحلم بالثورة الإشتراكية ودولة الكادحين لا يزال متألقا. ولكن دراسته تضاربت مع صحته. آلام الرأس الشديدة لم تترك له متسعا. قال الأطباء الروس أن سببها ضيق خلقي في أوعية الدماغ الدموية تتفاقم آثاره في شتاء موسكو القاسي. إنقطع جمال عن الدراسة مضطرا ولكنه واصل الإلتزام.

من عرف جمال، عرف فيه روحا دؤوبة نشطة وإلتزاما صلبا لا يكل. (في الأيام قارسة البرودة من شتاء دمشق، حين كان بعض الرفاق يجد في ذلك عذرا للتغيب عن مكتب الجبهة، لم يكن جمال إلا على رأس الواجب يسد النقص).

لم يكتف محمد رضا وجمال إذن بالحلم، بل تبعاه بالإنتماء والعمل السياسي المنظم. لا أحسب أن إقناعهما كان صعبا. كيف يصعب أن تقنع إبن النعيم أو بني جمرة بالالتحاق؟ كل المسألة كانت في إختيار القافلة.

كان محمد رضا في قافلة أنشدت : "لم ينته المشوار يا رسالي"، وجمال في قافلة أنشدت: "طريقنا أنت تدري، شوك ووعر عسير".

للتغيير طريق، وأكثر من قافلة. وللطريق ضريبة عبور باهظة.

تعرج المنفى بمحمد رضا وطال، لأكثر من عشرين عاما، بين القاهرة وطهران فأستراليا، وتعرج الدرب بجمال بنحو ذلك بين موسكو ودمشق فالإمارات.

في 2001، عندما أعلن الحكم هنا ما سمى بالعفو العام عن المنفيين هناك، كان المشوار قد إنتهى بمحمد رضا إلى أستراليا. لم يكن في وسع محمد رضا إلا التريث في العودة. ففي عائلة من 6 أفراد أصغرهم طفلة كانت بالكاد سنة، كان هو الوحيد بينها ممن عرف أرضا إسمها البحرين. لم يكلف أحد في الدولة نفسه أن يسأل إن كان محمد رضا يستطيع العودة لحضن الوطن، وكيف، دون أفق من سكن أو عمل.

أما جمال، الذي عاد قبل ذلك في 2000 بعد "عفو" أميري في 1999، فقد جعل النظام من عودته وعودة من مثله درب شوك ووعر عسير فعلا. أضنته مشاوير البحث عن عمل. تعطيه وزارة العمل عناوين لأصحاب عمل، كان سؤالهم الدائم "كيف نوظفك وأنت فوق الأربعين؟". ولكن جمال ظل ملتزما، كان يتطوع لحل مشاكل غيره بهمة ودأب وهو الذي ليس في جيبه "حتى روبية واحدة".

في الطريق إلى الشهر الفضيل، أصيب محمد رضا بنزلة برد في سيدني التي كان لا زال الوقت فيها شتاء. أعطاه الطبيب بعض الأدوية وأوصاه بالراحة. عاد محمد رضا للبيت وطلب من زوجته أن تذهب هذه المرة هي لإحضار الأطفال. عندما عادت، كان هذا الغريب قد أغمض عينيه.

بعده بيوم، كان جمال، الذي كان أمرا محرجا لأصدقائه سؤاله عن عمله أم عن صحته في الشهور الأخيرة، يخسر معركته الأخيرة مع الداء الخبيث، لتفيض روحه إلى واد غير ذي شوك، وغير وعر عسير.

. . . . . . . . . .

في 2002، بعد لقاء بين وفد من قدامى المنفيين ورئيس الوزراء بشأن مطالب لهم ومعاناة، قال أحد المتشائمين أن إنطباعه بأن هذه حكومة تراهن على عامل الوقت، الذي سيتكفل برفع المعاني قبل رفع المعاناة وينهي قائمة المطالبين قبل أن تنتهي قائمة المطالب. لا حاجة لفعل أي شيء.

April 12, 2008

أما علي جاسم وعباس الشاخوري فلا بواكي لهما

في 14 فبراير الماضي، أعلن رسميا عن "مولد البحرين الجديدة".

ماجد أصغر علي بخش، 26 سنة، من القوة الخاصة، هو أول شهدائها.


ماجد (أم مجيد؟) أصغر علي بخش لم يذهب إلى قدره الأليم مختارا.

هو إبن لعائلة فقيرة، من منطقة فقيرة، جاء إلى هذه الجزيرة رضيعا، ونشأ فيها شابا يتطلع إلى لقمة عيش مستقرة له ولأسرته. على خطى من هم أكبر سنا في عائلته ومنطقته، كان في الخدمة العسكرية والبزة العسكرية وحمل السلاح ما يشكل إشباعا كافيا، معنويا وماديا، مادام ذلك في خدمة قبيلة مستحقة ذات مجد وشرف وعطاء. سمع ممن هم أكبر سنا منه أن هذه التي هنا قبيلة ذات مجد وبخش وعطاء، فكان شرفا أن يتم اختياره للقوة الخاصة بوزارة الداخلية.



ماجد أصغر علي بخش، النازح صغيرا من منطقة صعبة، قضى –على الأرجح- في مواجهة مع شبان في مثل عمره، خرجوا ليمنعوا تحول هذه البلاد إلى منطقة أشبه بتلك التي نزح هو وجدّه منها. خرجوا ليقاوموا، وإن بوسيلة فادحة، مشاريع تحويلهم يوما إلى نازحين جدد كماجد.



أولئك الفتية ولدوا في مثل السنة التي ولد ماجد فيها، وذهبوا إلى مثل المدرسة الثانوية التي ذهب إليها. ولكنهم لم يسمح لهم يوما، حتى في أحلام يقظتهم، بأن يجدوا في الخدمة العسكرية والبزة العسكرية وحمل السلاح، إشباعا كافيا، ماديا أو معنويا. كان لماجد الذي ولد في بلوشستان شرف إرتداء زي القوة الخاصة. ولم يكن لأي من الذين ولدوا في كرزكان إلا إرتداء الصدر العاري والمولوتوف. ولم يكن زيهم هذا مختارا.


قيل أن المولوتوف ليس لعبة صبيانية. هو سلاح فتاك بنتائج قاتلة. يجب أن يجرّم. ويجب أن يوضع حد رادع "للعابثين وزعمائهم".

خطط التوطين والتمييز والإقصاء هي الأخرى ليست لعبة صبيانية. هي أيضا سلاح فتاك بنتائج كارثية. يجب أن تجرّم. ويجب أن يوضع حد رادع للعابثين القائمين بهاوزعمائهم.

المولوتوف لا يحتاج إلا إلى مادة قابلة للإشتعال بضراوة، في وعاء محتقن بإحكام، وخرقة مشعلة. لتبدأ كرة النار.

هذه نفسها الوصفة المرسومة لخرقة "الوطن". التي تقذف كل صباح. في وطن محتقن بإحكام. فالفتنة الطائفية التي هي أشد من القتل مادة قابلة للإشتعال بضراوة. لا مثيل لها.

أما أخبار الخليج، فقد ناشدت "في خطاب إستثنائي ووقت حرج" وبقلم رشيق يعكس السلاسة المتناهية لخبرة مصرية مخضرمة، ملك البلاد: " بإسم رجالك البواسل في القوات المسلحة التي تدين لك بالولاء التام المطلق وبإسم ضباط وأفراد وزارة الداخلية" بألا يستمع إلى "أصوات نشاز وتحركات مشبوهة في الداخل والخارج لطلب الإفراج والعفو والصفح".


لا أحد يمكنه أن يقبل بسفك أي دم حرام أو إزهاق أي روح بشرية تحت أي عنوان. ولكن كيف يمكنك أن تدعو فتية مسحوقين بالفقر والقهر للتعقل وتجنب الإضرار بالنضال السلمي لإستعادة الحقوق، في مواجهة سياسات لبعض أطراف السلطة هي الأقصى في تطرفها وعدم تعقلها؟



هو وطن جديد حقا أن تهرع القيادة السياسية والأمنية منذ اللحظة الأولى صارمة ومحذرة إلى التعزية وإبداء التضامن والتعاطف في مقتل ماجد أصغر علي بخش. وأن تتدفق التغطية الصحفية الواسعة والمصورة له ولأفراد عائلته ومجلس العزاء به، أما الشهيد علي جاسم -أحد يعرف عمره؟ أو أن زوجته المفجوعة وضعت إبنا بعد إستشهاده؟ - فلا بواكي له. المغدور عباس الشاخوري لم يسمه يومها أحد بشهيد الواجب، ولم تخصص صحيفة صدر عنوانها الأول للدعوة إلى تعقب قتلته.


ساعد الله قلب عائلة ماجد أصغر علي بخش في مصابهم الأليم. وساعد الله قلوب تلك العوائل في كرزكان وغيرها التي تمت مداهمة بيوتها وإعتقال فلذات أكبادها.

وساعد الله هذه الجزيرة التي لم تعد جزيرة. فالقبائل قد أسرجت وألجمت وتهيأت وتنقبت لقتال القرى التي لم تخضع أوتبايع.

April 01, 2008

إنتهاء عصر النخيل

كان باسقا،كنخلة من أوال.

وسامقا، كنشيد جمهوري.


كان شاهدا على عصر.

وكان محظوظا. فقد عاش في زمن النخيل والنشيد.

ولكن حسن جواد الجشي ذهب صامتا. كنخلة، نخسرها مرتين.



عاش في المنفى 14 عاما، في أعقاب حل الهيئة، حتى عودته في 1971.

ولكنه عندما عاد، عاد إلى وطن لم يزل حينها وطنا. لم تزل به بقية من نخيل.

وإلى عاصمة لم تزل آهلة بأهلها، ومأهولة بالنشيد.


بلغ النشيد أوجه في 7 ديسمبر 1973.

ليس في ذاكرة المنامة ليلة أبهى. لم تكن المنامة أقرب منها إلى أجواء ثورة منتصرة كما كانت ليلتها، حين أعلن عن فوز حسن جواد الجشي (بنيف و900 صوت) وعبدالهادي خلف (بأقل من ذلك بقليل) بمقعدي الدائرة الثانية في انتخابات المجلس الوطني. كانت ليلة نصر، للنخيل والنشيد.



وكان النخيل والنشيد حاضرين في كلمته التي ألقاها عند إختياره كأول رئيس لأول مجلس وطني منتخب في تاريخ أوال:

"ان الذي يتحقق على أرض البحرين اليوم هو حلم الأجيال منذ أكثر من نصف قرن، وقد كان هذا الكفاح حرية وعدلا ومساواة، ولاشك ان ترجمة ذلك إلى واقع تحياه الجماهير هو الرسالة التي ائتمننا الشعب على أدائها بصدق وإخلاص".

"ليكن أيها الإخوة شعارنا دائماً ونحن نتهيأ للانطلاق من أقبية الماضي إلى رحاب المستقبل في عملية جادة للحاق بركب التطور والدخول في عصر انتصار الإنسان، ليكن شعارنا ''إن أجمل الأيام هي التي لم نعشها بعد''.



كلماته أعلاه شاهد مرير على ما إنحدرنا إليه من درك. وهي شاهد أيضا على أن ذاكرة البعض ممن كان في المقاعد الأمامية يومها، حتى في إقتباس من ناظم حكمت، طويلة جدا.

رحم الله حسن جواد الجشي. رحل قبل أجمل أيامهم. كم كان محظوظا.


تحديث:

إعلانات الشكر على التعازي محزنة دائما، ولكن إعلان اليوم الذي نشر في الوسط والوقت كان مؤسفا أيضا. فعائلة الراحل الكبير أشارت إليه ب"حسن بن جواد الجشي"، بأثر رجعي (وطبقي) ربما. لا أدري لماذا نعطي خصوم المساواة التي ناضل من أجلها الفقيد سببا آخر للإحتفال.

October 22, 2007

فخلف من بعدهم خلف



Ahmed Al-Omran is no more. The larger than life education minister of the 60’s and 70’s passed away this weekend. A more than lamentable reminder of where this country was and where it is now. I’m not grieving, just trying to figure out the shape of the unlearning curve leading to the current education minister. Not an edifying contrast.

Back then, Hassan Jawad Al-Jishi was a speaker. Al-Mardi was an editor. The national team meant "national" team.

Back then, a future sovereign sat on a public school desk in a class filled with ordinary folks. Now a future sovereign, and a future, future sovereign get their education at fifth fleet base school with anything but your average folks in sight let alone in class.

Back then, that base was called mere facilities. Although that didn’t stop students from agitating against the “facilities”. And compared to what is now, complete with press conferences and a host of media offering not to mention a respectable crime rate and shooting incidents, it indeed was mere facilities. (The talk about the base is not academic you see, this government is facilitating the drift to a third gulf war, thus inviting a missile response from the other side of the Gulf).

Back then, with no “patriotic education” classes, Coca Cola remained enemy grade. Now, a high -and wide- official meeting the foreign minister of once enemy state is called a normal non-normalizing non-event.

But back then, our school books and papers referred to a “State of Bahrain”, not to a royally owned dominion.


- - - - - - - - - - -


You know that Al-Watan has been dishing out a great deal of free advertising and other forms of material and moral support to its ilk of B (as in Bandar) groups when you read that this big B newspaper has just received a big A honour for its troubles and generosity. Al-Watan has been decorated with the “Excellence in Supporting Volunteerism” award by the Minister of Social Development (yep, the same B ministry that is moving up to the not-so-socially developed locales at BFH). The award was received by Al-Watan newly appointed General Manager, a former department head at the Ministry of Housing, and obliquely named name in the famous B report.

You fathom how important Al-Watan is when a man ticked to be the next Assistant Undersecretary of the Housing Ministry chooses to resign to take up a manager post at it. Or perhaps, it is just his B calling, to volunteer for a truly worthy B cause.


October 19, 2007

درس تربية وطنية .. في سجن الحوض الجاف

نحن لسنا خاضعين لإحتلال. صحيح أن الممارسات متشابهة، إلى حد التطابق، لكننا بالقطع لسنا تحت الإحتلال. الإحتلال غير تافه، أو بائس، أو بمعدل ذكاء تعدّه على أصابع القدمين.

آخر ممارسات هذا الذي يشبه الإحتلال، ما حدث لطالبة في عمر الزهور في الثانوية العامة تقبع حاليا في سجن الحوض الجاف. الطالبة أحضرت لزميلتها في المدرسة ورقة من تلك الوريقات التي تباع في إيران ك"سوفنير" والتي هي على نمط أوراق المونوبولي مع إستبدال الصور المعتادة بصور للأضرحة والعتبات المقدسة. الأوراق تحمل عادة أعلى وحدة نقدية متداولة. بالعملة الايرانية، الكويتية، البحرينية وما شابه. الفكرة هي إحدى تلك الأفكار الساذجة التي تدغدغ مشاعر المؤمنين البسطاء – والربح عليهم- بالقول أن حب الائمة والتعلق بمشاهدهم يعادل أبهظ الأثمان. وتحسبا لأولئك الذين يتمتعون بمعدل ذكاء يقرب من الواحد الصحيح، فإنها تحمل أيضا عبارة تشير إلى أن هذه الأوراق فاقدة لأية قيمة نقدية. هذا الكلام طبعا في إيران.

أما هنا في مملكة البحرين، وبالتحديد في مدرسة مدينة عيسى الثانوية للبنات، فإن مديرة المدرسة "قامت بتحري الأمر ورفعت على إثر ذلك تقريرا الى وزارة التربية والتعليم التي رفعت الأمر بدورها إلى جهاز الأمن العام حيث أحيلت القضية إلى النيابة العامة. وقد تم استدعاء الطالبة من قبل النيابة وتم التحقيق معها ومن ثم أحيلت إلى إدارة التحقيقات الجنائية، ومنها إلى سجن الحوض الجاف" بحسب أخبار الخليج. والتهمة؟ التحقيق في قضية تزوير عملة من فئة عشرين ديناراً والترويج لها بين زميلاتها الطالبات فضلا عن الطعن في الولاء والانتماء الوطني. ولأننا في مملكة البحرين أيضا، فإن أخبار الخليج تسارع إلى أخذ تصريح من نائب وفاقي محترم يصرح بكل جدية بأن " لا مساومة على الولاء للوطن والانتماء إليه واحترام قيادته".

هل قلنا أن الطالبة شيعية؟ في بلد يخلى سراح أفراد في خلية لا ينقصها لا السلاح ولا التدريب ولا الخطط الإستطلاعية ولا الجهوزية النفسية الكاملة، كل ما ينقصها هو صدور الأوامر من المنظمة الأم، لتنفيذ ما يطلب إليها ضد أهل الشرك والبدع في البحرين؟

هل قلت أن متهما ثانيا ومرشحا لذات الدورة التحقيقية من المدرسة إلى الوزارة إلى النياية العامة ثم السجن في الحوض الجاف بتهمة تزوير وترويج عملة أجنبية قد يكون إبن أخي ذي الستة أعوام الذي أراني ورقة مشابهة تحمل العملة الإيرانية قبل أسابيع؟

October 17, 2007

أي شيء في العيد نهدي إليك.. تسيبي ليفني؟

عيد الفطر السعيد هلّ مبكرا هذا العام على وزارة الخارجية، فعيّدت وأفطرت قبلنا جميعا...

ففي بيان توضيحي سبق سائر هيئات الرؤية الشرعية، أكدت الوزارة الموقرة ثبوت رؤية هلال الواقع السياسي الجديد، وبالتالي فإن " لقاء الشيخ خالد بن احمد بن محمد ال خليفة وزير الخارجية بوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبى ليفنى على هامش انعقاد الدورة الثانية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة قد تم بالفعل"....

وهكذا، فبعد عقود من الصيام النموذجي والإمتناع منقطع النظير عن كافة مفطرات القضية الفلسطينية، خيرها وشرها وغبارها الغليظ، وبعد سنوات من الصوم الدائم عن التصريح بأي لقاءات وزيارات، قررت الوزارة الموقرة أن الوقت قد حان لكي تفطر على الإتصال في وضح النهار مع الإسرائيليين بعد أن كان التعامل معهم -كالأكل والشرب علانية في نهار رمضان- محظورا رسميا مالم يتم خلسة وخفية ومن وراء حجاب، أو كالرفث المتاح ليلا فقط قبل أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود. تأتي هذه الإتصالات على حد تعبير الوزارة " لمصلحة القضية الفلسطينية ومصالح البحرين العليا" . ( والبحرين العليا هي بالطبع غير البحرين الوسطى أو السفلى أو البدون).

ولأن زكاة عيد الفطر يتوجب إخراجها مبكرا، فقد أعلن الوزير الموقر – من نيويورك وفي ذروة موسم الأعياد العبرية- عن رفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية، وهي خطوة تصب بالتأكيد في سياق الخطوات التي " تهدف لدعم مصلحة الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه". (نرجو ألا يلجأ بعض المغرضين لهذه الحجة للإتصال بلورد بريطاني أو أعداء آخرين بذريعة رفع المعاناة عن شعوب محلية أخرى). )

أجمل ما في بيان الوزارة الموقرة تأكيدها بأن جميع هذه الإتصالات "تعلم بها الأطراف المعنية"، أما أن عبارة الأطراف المعنية لا تشمل شعب البحرين، أو مجلس النواب، أو حتى مجلس الشورى، فهذه ليست مشكلة دائرة الشئون القانونية أو قسم الاتفاقيات الدولية بالوزارة.

اللهم لا إعتراض. فالبلد بلدهم بالمطلق، وهم أحرار في قرارهم السيادي في مقابلة من يشاؤون من الدول المحبة للسلام القائم على الغزو (أو الفتح)، خصوصا تلك التي تشاطرهم هواجس الأرض والتركيبة السكانية ومخاطر كتابة التاريخ.

إلا أن الوزارة الموقرة كانت في غنى عن التذكير بأن " الواقع السياسي اليوم قد إختلف عن الواقع السائد قبل أربعين عاما". فحتى حملة الثانوية العامة الذين توظفهم الوزارة "في إطار الشفافية التي تتحلى بها" يعرفون أن الدولة العبرية باتت هي الملاذ – بعد الله وأمريكا وقبل بريطانيا- للحفاظ على أمن وإستقرار حكومات المنطقة في وجه عرض العضلات الايراني. أما أولئك الذين فاتتهم متغيرات الواقع الجديد فلهم عذرهم. فربما لطول مكث وزير الخارجية العتيد على رأس الوزارة من السبعينات إلى ما بعد الألفية لم يتسن لهم إدراك أن العالم الخارجي قابل للتغير او التغيير. فأنا مثلا لازلت غير مصدق أن وزير الخارجية لم يعد محمد بن مبارك.

مبارك للوزارة عيد فطرها السعيد على أية حال. كيف نقول "عيد سعيد" بالعبري للشيخة تسيبي؟

September 10, 2007

ظلّ أقل ... في وداع صاحب الصوت الخفيض

تؤجل أصدقاءك ريثما ترسو إلى يابسة.. لكن أشرعة رحيلهم الأخير إلى الغروب لا تنتظر... فتفجع – وسط تلاطمك- مرتين...

. . . . . .

"كأن سحب الأقدار لم تعد تهطل إلا بالفاجع فيمن نحب، من أولئك الرائعين الذين يعطون للوطن معنى وظلا، واحدا بعد آخر.

كأن السيارة البيضاء التي كانت تسابق الوقت ولهيب القيظ للعودة للأهل والبيت بعد نهاية يوم عمل، لكأنما كانت تسابق الفجيعة فلم تسبقها. شيء ما أدى لإنزلاقها على الطريق واصطدامها بشاحنة. الحادث المروع يودي على الفور بحياة واحد من أبناء الوطن الرائعين، المنفيين عنه طويلا، المهمومين بهمه دائما، العاشقين لحقه في الحرية والكرامة أبدا.

ثمة عائلة صغيرة لا نعلم كيف سيتأتى لها الصبر والسلوان على رزيتها الفادحة في الأب الذي لا يعوض. ثمة وطن لا يعلم أي طراز نادر من مناضليه قد ودّع.

عاش عبد الأمير العرب الشطر الأكبر من شبابه منفيا، كابد بلاء المنفى، وهو بلاء تطول مدته ويدوم مقامه، ولكنه حمل معه همّ الوطن حيثما حلّ ودار مع حق الوطن حيثما دار. وبعد عودته من المنفى الصعب في الزمن الصعب، من عمره كما من عمر الوطن، لم تشأ حكومة هذه الأرض أن تجعل ظروفه، أو ظروف الوطن فضلا عن ظروف سائر المنفيين، أقل صعوبة. الشركة التي نشرت بيان تعزية فيه حيث لقي مصرعه الفاجع في السيارة التابعة لها أثناء أدائه مهمة عمل لها، هي ذاتها التي لم توافق إلا بعد لأي وعلى مضض على رجوعه للعمل لديها، ثم أصرت على أن يعود للعمل في الوظيفة ذاتها وإلى الراتب المتواضع ذاته الذي كان عليه قبل ربع قرن. غير أنه برغم وطأة ظروفه الحياتية، لم ييأس ولم يهن، فبقي حاملا للراية، متمسكا بالقضية، مشاركا نشطا في فعالية بعد أخرى.

غير أن ذلك كله هو الجانب العادي من حياة عبد الأمير. الجانب غير العادي هو معدنه الفذ.

يقال كلام كثير في ذم السياسة والمشتغلين بها. في أنها كما الفلوس، تغير النفوس وتعميها. والأمثلة كثيرة وحاضرة في الذهن لمن تنكبوا لصفاء سيرتهم الأولى، وتنكروا لقضيتهم ونقاء سيرتهم الأولى، لمن أخذتهم العزة بالنفس وبالتنظيم إلى مدارج التعالي على ناسهم وأهليهم، أو لمن اكتشفوا فجأة واقعية جديدة تنأى بهم عن الطريق الوعر نحو ضياء العدل والحرية إلى طريق سانحة أقصر إلى أضواء الصدارة والوجاهة والصيت.

عبد الأمير العرب كان نقيضا رائعا لكل ذلك. بل وشاهد إثبات على كل ما هو مضيء ونبيل في النضال السياسي. خال من التباهي والإدعاء. حافظ على صفاء سريرته الأولى. لم يستوحش طريق العمل الصامت لقلة سالكيه. عمل بصمت. وضحّى بصمت. بصدق. بدون إدعاء. صوته الهادئ الخفيض معبر عن نفسه الهادئة المتواضعة والدماثة الرفيعة التي عرفها كل من عرفه. لم تطأ قدماه يوما بازار التسلق السياسي. لم يبع أو يشتر بتاريخه وتاريخ رفاقه. تراه بعد زمن فيحييك بمحبة، يتناقش معك بهدوء، يختلف معك بودّ، ويودعك بطيبة آسرة. بدأ صادقا وإنتهى صادقا، وما بدل تبديلا. يذكرك بأن الدين في الأصل سماحة وصفاء. وأن السياسة هي في صدق التواضع، لا فن التواضع. آه، كم ستفتقد ذلك التواضع الصافي وتلك الطيبة الآسرة".

. . . . . .

(بتصرف عن بيان لقدامى المنفيين السياسيين في نعي رفيق درب المنفى الطويل عبد الأمير العرب، ونشر على منتديات محلية).

July 01, 2007

أشرف مروان، أو صعود وسقوط "النبلاء" العرب

إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا خان فيهم الشريف تركوه، وإذا خان فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ.

(ليس حديثا شريفا)

لم تكن بالقطع أشرف موتة (السقوط من شرفة). لم تكن أشرف آخر الإتصالات (لموعد مع "مؤرخ" "إسرائيلي"). لم تكن أشرف مهنة حرة (تاجر سلاح). ليس أشرف الأسئلة: المهنة غير الحرة السابقة لأشرف مروان، هل كانت: عميل مفرد أم عميل مزدوج؟

تحتاج لأن نعرف شيئا عن الرجل أو عن عالم الجاسوسية أو عن مصر لتصل إلى أي إستنتاجات. إلا أننا لا نحتاج لأي من ذلك لنعرف أن حكاية كونه عميل مزدوج ضلل اسرائيل لحساب مصر مختلة التوازن لدرجة السقوط من الشرفة.

سمعنا بأناس في قمة التضحية بالنفس والشجاعة. ولكن إلى حد الذهاب إلى عرين الموساد، ليس مرة واحدة بل مرات ومرات، ثم العيش بعدها بآخر راحة وانفتاح في لندن واستمرار التعامل مع الإسرائيليين في صفقات سلاح بعد صفقات سلاح؟ هل كان واثقا من القدرة على خداع كل الإسرائيليين - والأمريكان والبريطانيين- كل الوقت؟

سمعنا بملحق دبلوماسي، أو فني إتصالات، أو رجل إعلام يتم إستخدامه كعميل مزدوج. ولكن عمود من أعمدة النظام ذاته وأصحاب القرار فيه؟ زوج بنت عبد الناصر والرجل الثاني بعد سامي شرف في ديوان الرئاسة، ثم الوحيد الذي لم تمسه "حركة التصحيح" والتخلص من شخصيات عهد عبد الناصر ليستمر كسكرتير السادات للمعلومات ثم للإتصالات الخارجية والمؤتمن عليها، ورئيسا للهيئة العربية للتصنيع العسكري؟ ما تجيش.

خذ مثلا أن الرجل في سنة حاسمة مثل تلك التي تلت حرب أكتوبر، وفي الفترة من ابريل حتى ديسمبر 74 فقط قام بخمس زيارات رسمية لأبوظبي إستقبله فيها الشيخ زايد بن سلطان، و"أبلغ فيها سموه رسالة شفوية من فخامة المصري محمد أنور السادات تتعلق بآخر التطورات على الجبهة المصرية والوضع العربي الراهن بشكل عام". هل كان عميلا مزدوجا لدولة الإمارات أيضا؟

الرجل كان جزءا من دائرة ضيقة ذات نفوذ واسع شملت العرشين السعودي والمغربي ( عبر كمال أدهم وحسن التهامي). ثم جزءا مما عرف في السبعينات بحلقة نادي باريس التي شملت كما قيل تنسيقا مع أجهزة مخابرات أمريكا، بريطانيا، وشاه إيران إضافة لمصر والسعودية والمغرب. هل كان عميلا مزدوجا –سداسيا- لهذه العروش والحكومات جميعا في آن؟

ضابط اسرائيلي سابق يؤلف كتابا للمال والشهرة يفشي فيه السر، ثم تقوم المؤسسة الإسرائيلية بتدارك الغلطة الفادحة عبر حكاية أنهم ضللوا به وعن طريقه لحساب مصر، لنبلع نحن الجرعة المخدرة ونذهب سعداء للنوم وغياب الإحساس؟ فقد عاد كبريائنا وغرورنا القومي سالما من كل خدش ولا هم يحزنون.

هذا هو العصر الذي يتلقى فيه رجل مثل بندر بن سلطان (عميل مفرد أم مزدوج هو الآخر؟ تاجر سلاح بالتأكيد) رشاوى (أو عمولات) بمليار دولار في صفقة القرن ويقول بعدها – بوقت طويل- بملء الفم : سوووو وات؟ وهو مستشار الأمن القومي (طبعا) في بلد يقطع اليد على خمسة ريال. ولا من يسأل ولا من يجيب. ورجل مثل أشرف مروان، في قلب الحلقة الصغرى لأسرار المنطقة من المحيط إلى الخليج. يعرف بسر أخطر معارك العرب في القرن العشرين. تحوم الشكوك حول قيامه بإفشائه للدولة العبرية. فضيحة القرن إن صحت. ولسان حال الحكومة المصرية: وإيه يعني؟ ولا أحد يسأل ولا أحد يجيب.

ففي عالمنا العربي من يجرؤ على أن يسائل أو يحاسب أحدا من طبقة "النبلاء"؟ زوج بنت عبد الناصر. تولى أهم المواقع في ظل أكثر من رئيس وعهد. أب لرجلين من أبرز رجال الأعمال. من يجرؤ على المحاسبة، من يجرؤ على الإستجواب؟

أم لان "أشرف بن مروان" لا يعدو أن يكون سوى الإسم الحركي للنظام الرسمي العربي ذاته، هو كما هم تجار سلاح. هو كما هم لا تعرف إن كانوا وطنيين او عملاء مفردين أو مزدوجين، سقوطه كما سقوطهم يوما ما ستظل حائرا في معرفة فيما إذا كان ناجما عن إختلال توازن أو بفعل فاعل، أسئلة بإنتظار "مؤرخ" من مركز الأسرار الجديد، الذي عاد أقرب كثيرا من لندن وواشنطن، شرق البحر الأبيض المتوسط.