في 14 فبراير الماضي، أعلن رسميا عن "مولد البحرين الجديدة".
ماجد أصغر علي بخش، 26 سنة، من القوة الخاصة، هو أول شهدائها.
ماجد (أم مجيد؟) أصغر علي بخش لم يذهب إلى قدره الأليم مختارا.
هو إبن لعائلة فقيرة، من منطقة فقيرة، جاء إلى هذه الجزيرة رضيعا، ونشأ فيها شابا يتطلع إلى لقمة عيش مستقرة له ولأسرته. على خطى من هم أكبر سنا في عائلته ومنطقته، كان في الخدمة العسكرية والبزة العسكرية وحمل السلاح ما يشكل إشباعا كافيا، معنويا وماديا، مادام ذلك في خدمة قبيلة مستحقة ذات مجد وشرف وعطاء. سمع ممن هم أكبر سنا منه أن هذه التي هنا قبيلة ذات مجد وبخش وعطاء، فكان شرفا أن يتم اختياره للقوة الخاصة بوزارة الداخلية.
ماجد أصغر علي بخش، النازح صغيرا من منطقة صعبة، قضى –على الأرجح- في مواجهة مع شبان في مثل عمره، خرجوا ليمنعوا تحول هذه البلاد إلى منطقة أشبه بتلك التي نزح هو وجدّه منها. خرجوا ليقاوموا، وإن بوسيلة فادحة، مشاريع تحويلهم يوما إلى نازحين جدد كماجد.
أولئك الفتية ولدوا في مثل السنة التي ولد ماجد فيها، وذهبوا إلى مثل المدرسة الثانوية التي ذهب إليها. ولكنهم لم يسمح لهم يوما، حتى في أحلام يقظتهم، بأن يجدوا في الخدمة العسكرية والبزة العسكرية وحمل السلاح، إشباعا كافيا، ماديا أو معنويا. كان لماجد الذي ولد في بلوشستان شرف إرتداء زي القوة الخاصة. ولم يكن لأي من الذين ولدوا في كرزكان إلا إرتداء الصدر العاري والمولوتوف. ولم يكن زيهم هذا مختارا.
قيل أن المولوتوف ليس لعبة صبيانية. هو سلاح فتاك بنتائج قاتلة. يجب أن يجرّم. ويجب أن يوضع حد رادع "للعابثين وزعمائهم".
خطط التوطين والتمييز والإقصاء هي الأخرى ليست لعبة صبيانية. هي أيضا سلاح فتاك بنتائج كارثية. يجب أن تجرّم. ويجب أن يوضع حد رادع للعابثين القائمين بهاوزعمائهم.
المولوتوف لا يحتاج إلا إلى مادة قابلة للإشتعال بضراوة، في وعاء محتقن بإحكام، وخرقة مشعلة. لتبدأ كرة النار.
هذه نفسها الوصفة المرسومة لخرقة "الوطن". التي تقذف كل صباح. في وطن محتقن بإحكام. فالفتنة الطائفية التي هي أشد من القتل مادة قابلة للإشتعال بضراوة. لا مثيل لها.
أما أخبار الخليج، فقد ناشدت "في خطاب إستثنائي ووقت حرج" وبقلم رشيق يعكس السلاسة المتناهية لخبرة مصرية مخضرمة، ملك البلاد: " بإسم رجالك البواسل في القوات المسلحة التي تدين لك بالولاء التام المطلق وبإسم ضباط وأفراد وزارة الداخلية" بألا يستمع إلى "أصوات نشاز وتحركات مشبوهة في الداخل والخارج لطلب الإفراج والعفو والصفح".
لا أحد يمكنه أن يقبل بسفك أي دم حرام أو إزهاق أي روح بشرية تحت أي عنوان. ولكن كيف يمكنك أن تدعو فتية مسحوقين بالفقر والقهر للتعقل وتجنب الإضرار بالنضال السلمي لإستعادة الحقوق، في مواجهة سياسات لبعض أطراف السلطة هي الأقصى في تطرفها وعدم تعقلها؟
هو وطن جديد حقا أن تهرع القيادة السياسية والأمنية منذ اللحظة الأولى صارمة ومحذرة إلى التعزية وإبداء التضامن والتعاطف في مقتل ماجد أصغر علي بخش. وأن تتدفق التغطية الصحفية الواسعة والمصورة له ولأفراد عائلته ومجلس العزاء به، أما الشهيد علي جاسم -أحد يعرف عمره؟ أو أن زوجته المفجوعة وضعت إبنا بعد إستشهاده؟ - فلا بواكي له. المغدور عباس الشاخوري لم يسمه يومها أحد بشهيد الواجب، ولم تخصص صحيفة صدر عنوانها الأول للدعوة إلى تعقب قتلته.
ساعد الله قلب عائلة ماجد أصغر علي بخش في مصابهم الأليم. وساعد الله قلوب تلك العوائل في كرزكان وغيرها التي تمت مداهمة بيوتها وإعتقال فلذات أكبادها.
وساعد الله هذه الجزيرة التي لم تعد جزيرة. فالقبائل قد أسرجت وألجمت وتهيأت وتنقبت لقتال القرى التي لم تخضع أوتبايع.